القائمة الرئيسية

الصفحات

النوابض الاجتماعية في زمن التضخم

 عرف الاقتصاد المغربي منذ ما يقارب السنة حالة من التضخم لم يعرف لها مثيلا في تاريخه، و بينما يرجع البعض الأمر للظروف المناخية التي يعرفها العالم ومخلفات جائحة كورونا إضافة الى الظروف الجيو-سياسية و الحرب الروسية الأكرانية ، يرى البعض الآخر بأن تساهل الحكومة مع بوادر غلاء أسعار المحروقات و استهانتها بها أدى إلى تأزم الوضع و تحوله الى حالة تضخم غير قابلة للاحتواء.

و للأسف فدور الحكومة اقتصر على تبرير المشكل و إرجاعه لمشاكل خارجية  بدل استباقه و تجنب استفحاله خصوصا وأن ظاهرة الغلاء اقتصرت في بداية الازمة في أثمنة بعض المواد المستوردة كالمحروقات و الزيوت النباتية و الحبوب، لكنها لم تلبت لتشمل جميع السلع و المنتوجات الأخرى و حتى المحلية منها ضاربة بعرض الحائط كل قوانين السوق و ضاربة في الصميم القدرة الشرائية للمواطن المغربي و مهددة لأمنه الاجتماعي.

وإن كان المواطن المغربي أبان عن صبر منقطع النظير اعتبره أغلب المراقبين غير متوقع و غير منطقي إلا ان تميز المجتمع المغربي بنوابظ اجتماعية تجعل الأمر نوعا ما مفهوما.

فالمجتمع المغربي يتميز بتوفره على اقتصاد غير مهيكل مواز للاقتصاد المهيكل ، و نقصد به هنا مجموع الأنشطة الاقتصادية التي لا تتوفر على محاسبة و لا تخضع للنظام الجبائي الذي تخضع له الشركات. و الاقتصاد غير المهيكل لوحده يشكل شبكة أمان اجتماعي قائم بذاته ، و إن كان تأثيره سلبيا على مؤشرات الاقتصاد الوطني إلا أنه لا يمكن تعييبه نظرا لمساهمته الكبيرة في تقليص رقعة الفقر وتوفير نسب مهمة من فرص الشغل.

و من أهم النوابظ الاجتماعية أيضا مبدأ التكافل و التضامن الذي يتميز به المغاربة عموما، إذ لا يخلو منزل من فرد أو فردين متكفلين بباقي أفراد الأسرة، فنجده مثلا إما متكفلا بمعاش الوالدين أو تطبيبهما أو بمصاريف دراسة الإخوة أو ما إلى ذلك من مظاهر التكافل  و التضامن الاجتماعييين، و يمكن اعتبار كل موظف أو عامل من الطبقة المتوسطة صندوق ضمان اجتماعي منفرد. غير ان التحول الديموغرافي الذي يعيشه المغرب مؤخرا و تحوله الى نموذج الأسرة النووية بدل الممتدة و السكن العمودي بدل الأفقي أصبح يهدد عرش هذا النابض ويحيلنا الى اقتراب تبني  النموذج الغربي في العلاقات الاجتماعية.

دون أن ننسى نظام المقاصة الذي يعتمد على نظام الموازنة بين المنتوجات التي يشملها، فيتم تحويل الفائض الذي تسجله بعض المواد لتغطية العجز في مواد أخرى، و كذا توفر المغرب على سوق شعبية تعرف تنوعا كبيرا في نوعية السلع المعروضة فيها و مرونة الولوج إليها من طرف التجار و المشترين على حد سواء، فتجد الأثمنة تختلف حسب نوعية السلعة و جودتها و حجمها، ما يوفر للزبون فرصة سداد حاجياته حسب قدرته الشرائية.




تعليقات

التنقل السريع